السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة :
لا شك أن المسلم في حياته تعتريه أكدار وهموم وأحزان وغموم ، مما يحتاج حقيقة إلى من يجلو حلكتها ، ويخترق ظلمتها بشئ من الأبتسامة الرفيعة والضحكة المتزنة والدعاية المرموقة ، والجدية سمة بارزة في حياة المسلم ، وهي مطلب ملح وأمر مهم ، فإذا كانت صارمة فإنها لاتزرع الأبتسامة على الوجه ، ولاتدخل السرور على النفس.
* الأبتسامة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم :
لقد كان رسول الهدى ونبي التقى محمد بن عبدالله_صلوات ربي وسلامه عليه _ من أشرح الناس صدراً وأعظمهم قدراً ، وأعلاهم شرفاً وأبهاهم وجهاً ، وأكثرهم تبسماً صلى الله عليه وسلم وما كان يتكلف الضحك ، ولا يختلق الأبتسامة بل كان يمتلك نفوس أصحابه رضي الله عنهم _ بالأبتسامة المشرقة وضحكته البريئة الهادئة واللطيفة ليكسب قلوبهم ويفوز بودهم ، ليقبلوا على هديه ويرتضوا نهجه ، ويجيبوا دعوته ، أنظر إلى هذه الأبتسامة التي ملكت لب هذا الصحابي وأسرت فؤاده ، يقول فضالة بن عمير الليثي ، قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو يطوف بالكعبة ، وكنت أريد قتله ولما أقتربت من الرسول صلى الله عليه وسلم قال لي : أفضالة ؟ قلت : نعم فضالة يا رسول الله قال : ماذا كنت تحدث نفسك ؟ قلت : لاشئ كنت أذكر الله قال : فضحك النبي صلى الله علي وسلم ثم قال لي : أستغفر الله ثم وضع يده على صدري ، فو الله مارفعها حتى ما من خلق الله شئ أحب إلي منه .
أحاديث عن البسمة والأبتسامة :
1. عن جابر بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال : ( مارآني رسول الله * صلى الله وسلم * منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي ) رواه البخاري .
2. يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يضحك إلا تبسماً . رواه الحاكم .
3. عن عبدالله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه ( مارأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه الترميذي .
4. عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم كثيراً كان لايقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم ، رواه المسلم .
5. عن عبدالله بن الحارث رضي الله عنه قال : ماكان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسماً ، رواه الترميذي .
6. ( كان النبي صلى الله عليه وسلم كالرجل من رجالكم إلا أن كان أكرم الناس ألين الناس ضحكاً باسماً )
7. تبسمك في وجه أخيك صدقة ، رواه الترميذي .
8. إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ، رواه مسلم .
وللأبتسامة أنواع :
1.أبتسامة المغضب : يقول كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلفه وما كان من شأنه في غزوة تبوك : ( فجئته أي النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلمت عليه فتبسم تبسم المغضب ) رواه البخاري .
2. أبتسامة المتعجب : كما في قصة النملة مع نبي الله سليمان عليه السلام إذ يقول الله ( فتبسم ضاحكاً ) النمل : 19 .
3. الأبتسامة السخرية والأستهزاء و الشماتة بالمسلمين وقد يصاحب البسمة صوت أو ضحك وقهقهة كما حكى الله عن قوم موسى عليه السلام في معرض أستهزائهم بآيات الله ( فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) الزخرف .
4. أبتسامة الملاطفة والترحيب والمضاحكة عند تسلية الناس ولقائهم ، يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : ( ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني ألا تبسم في وجهي ) رواه البخاري .
5. أبتسامة التفاؤل والأمل والبشارة : عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم أستيقظ يبتسم فقلت : ما أضحكك قال: أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها ... الحديث رواه البخاري.
6. أبتسامة النفاق والعياذ بالله : وهي أكثر مايروج بين كثير من الناس ليوم إلا مارحم ربي ، فيبتسم هذا لهذا والقلوب في الغالب مليئة بنوع من البغضاء والشحناء والكراهية .
مواقف باسمة :
1. عن أنس رضي الله عنه قال : أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يخاطبنا يوم الجمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله هلك الكراع ، هلك الشاه ، فأدع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا قال أنس : وأن السماء لمثل الزجاجة فهاجت ريح ، ثم أنشأت سحابة ، ثم أجتمعت ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا ، فلم يزل المطر إلا الجمعة الأخرى فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال يا رسول الله تهدمت البيوت فأدع الله أن يحبسه ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : حوالينا ولا علينا ، فنظرت إلا السحاب يتصدع حول المدينة كأنه إكليل. رواه أبو داود
2. عن صهيب رضي الله عنه قال : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أدن فكل فأخذت آكل من التمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم تأكل تمراً وبك رمد ، قال : فقلت أني امضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه أبن ماجة .
3. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبه شديدة قال أنس : فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت فضحك ثم أمر له بعطاء ، رواه البخاري .
4. عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الأثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يفاجئهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجره عائشة فنظر أليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك ، واه البخاري.
5. عن سعد بن أبي وقاس رضي الله عنه قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين في غزوة أحد فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم أرم فداك أبي وأمي قال: فنزعت له بسهم له نصل فأصبت جنبه فسقط وأنكشفت عورته فضحك لنبي صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الكبير .
فوائد الأبتسامة :
1. باب من أبواب الخير والصدقة .
2. سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم .
3. فيها ترويح للنفس واجمام للروح ودواء للهموم .
4. تبعث على الأطمئنان بين المسلمين وتصفي القلوب من الغل .
5. مظهر من مظاهر حسن الخلق التي يدعوا إليها الأسلام .
6. فيها تأس بسيد الخلق وأعظمهم خلقاً وأكثرهم أبتسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينبغي لمن كان عبوساً منقبض الوجه أن يبتسم ويحسن خلقه ويمقت نفسه على رداءة خلقه ، فكل أنحراف عن الأعتدال مذموم ولا بد من نفس مجاهدة وتأديب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .