نعم.. هذه ليست مبالغة؛ أن تحج وأنت في مكانك!
والمقصود بذلك أن تعمل مجموعة من الأعمال التعبدية، طاعة لله سبحانه وتعالى، فتحصل بسببها على أجر ومثوبة، كأنك قد حججت حج التطوع بالضبط؛ ذلك أنها لا تغني -طبعا- عن ضرورة حجك بيت الله الحرام، إن استطعت إلى ذلك سبيلا.
لكن، أما وقد انضممتَ إلى الملايين والغالبية الكبيرة من المسلمين، الذين لم يظفروا بنعمة الحج هذا العام، فعليك قراءة هذا المقال، فإنك واجد فيه ما يسري عنك، ويشغلك بأعمال قد تصل في ثوابها إلى الحج الذي لم تتمكنه، وزيارة بيت الله الحرام التي حُرمتها!
ذلك كله وأنت في مكانك!
"إذ إنه لما كان الحج من أفضل الأعمال، والنفوس تتوق إليه لما وضع الله في القلوب من الحنين إلى ذلك البيت المعظم، وكان كثير من الناس يعجزون عنه، لا سيما كل عام، شرع الله لعباده أعمالا يبلغ أجرها أجر الحج، فيتعوض بذلك العاجزون عن التطوع بالحج".(1).
الجهاد أفضل من حج التطوع
قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَة عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 19-20].
فالآيتان تدلان على أن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من أعمال النوافل قد يكون أفضل من حج التطوع، كما تدل الآيتان على أن أفضل ذلك الجهاد مع الإيمان، فدل ذلك على أن التطوع بالجهاد أفضل من التطوع بعمارة المسجد الحرام، وسقاية الحاج.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله، ثم جهاد في سبيل الله، ثم حج مبرور". [رواه البخاري ومسلم].
قال بعض الصحابة عن الغزو: "ابدأ بنفسك فاغزها، وابدأ بنفسك فجاهدها، وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيته بالذكر والطاعة، قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهََ} [التوبة :18].
فضل ذكر الله تعالى
ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل يحجون بها ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدقون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدثكم بما إن أخذتم به لحقتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين".
وفي رواية مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن أُناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله: ذهب أهل الدُثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بُضع أحدكم صدقة".
انتظار الضحى بحجة وعمرة
في الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الصبح في جماعة، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة".. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تامة تامة تامة".
وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تطهر في بيته، ثم خرج إلى المسجد لأداء صلاة مكتوبة، فأجره مثل أجر الحاج المحرم، ومن خرج لصلاة الضحى كان له مثل أجر المعتمر".
بكورك إلى الجمعة كذبحك للهدي